إن نهاية العام هو وقت مميز لا كباقي الأوقات. فعندما ننظر إلى الخلف لحصاد الاثني عشر شهرًا الماضية من النتائج والخواتيم المختلفة، يدفعنا ذلك دفعًا للتفكير في كل ما حدث في حياتنا الشخصية والمهنية، الجيد منها والسيئ وما بين ذلك.
وبالنسبة للكثيرين، فهو وقت للتأمل الذاتي، حيث نتطلع إلى ما وراء متاعب الأسرة والعمل والصراعات اليومية للتفكير في الصورة الكبيرة. فبالنسبة للكثيرين منا، يصبح هذا الوقت وقتًا لتطوير الذات، حيث يمكننا أخيرًا تحديد من نريد أن نكون، وكيف يمكننا أن نصبح ذلك الشخص الذي نريده.
أما بالنسبة لرجل الأعمال، فهذا الشعور يأخذ معنى مختلفًا. فمن نواح كثيرة، يعتبر عملك امتدادًا لذاتك، وإسقاطًا لتطلعاتك وأحلامك وشغفك مجتمعة تحت راية علامتك التجارية. لـذا، ونظرًا لأن تلك الساعة تقترب شيئًا فشيئًا من ال12 صباحًا، فلا شك أنك تجد نفسك مستغرقًا في التفكير، ليس فقط في آمالك ومخاوفك الشخصية خلال الـ 365 يومًا القادمة، ولكن أيضًا آمالك ومخاوفك تجاه مصير شركتك التي هي ثمرة عملك وجهدك الشاق.
وبهذه المناسبة، فقد اعتاد الناس اتخاذ قرارات شخصية للسنة الجديدة، حيث يمثل ذلك طريقتهم الخاصة لوضع أهداف واضحة للعمل عليها خلال فترة السنة المقبلة. وبصفتك رجل أعمال، فأنت معتاد على تحديد أهداف العمل ومؤشرات الأداء الرئيسية لقيادة تقدمك، وبالتالي، فلماذا لا تشتغل ببعض القرارات الشخصية لك للسنة الجديدة؟
فيما يلي بعض القرارات التي يمكنك وضعها لنفسك ولشركتك والتي يمكن أن تحقق لك أرباحًا بطرق قد لا تتوقعها.
1) كن واقعيًا، ولكن انظر إلى الأمام
إن السوق ممتلئ برجال الأعمال الحالمين ذوي الأطروحات الجريئة والابتكارات التي بزعمهم سوف تهز السوق. ولا ينبغي لنا طبعًا أن نعيب حماسهم، لأنه يتطلب قدرًا هائلاً من الدافع والإقناع وقوة الإرادة لبدء أعمالهم الخاصة، إلا أن الطرف الآخر - المتلقي لمثل هذه الطاقة والحماسة - أيًا كان لن يستطيع مجاراتها طوال الوقت، وبالتالي فقد كان بإمكان رجل أعمالنا الطموح إنفاق جهده بشكل أفضل في مجال آخر.
يريد كل رجل أعمال أن يكون "إيلون ماسك" أو "جيف بيزوس" القادمين. وفي حين أننا نقدر تلك التطلعات، فإنه سيكون من الأفضل التركيز على الواقعية، مع الحفاظ على نظرة مستقبلية متفائلة وإيجابية.
"من السهل أن يكون لديك حلم، ولكن من الأصعب بكثير أن تأخذ الطريق الطويل لجعله حقيقة واقعة لأنه بطيء ويتطلب الانضباط والصبر" آندي أييم، مستثمر ورجل أعمال.
عليك النظر فقط إلى شركة أوبر. فبعد أن ظلت تعمل لما يقرب من 12 عامًا، تمكنت أخيرًا من تحقيق أول ربح الشهر الماضي. حتى أننا لسنوات لم نكن نسمع من المحللين الماليين إلا الذم لهذه الشركة الأمريكية لتحقيقها نتائج كارثية سنة بعد أخرى. تسلا موتورز هي مثال أكثر وضوحًا، فخلال شهر يناير من عام 2021، أعلنت شركة صناعة السيارات الكهربائية عن تحقيق أول ربح على الإطلاق عن عام كامل، وهو "إنجاز يتوج 18 عامًا من العمل".
العبرة المستفادة هي أن عنوان هاتين الشركتين كان التواضع لعدة سنوات عندما كانتا لا تزالان مجهولتان في السوق، لكنهما بذلتا المجهود اللازم، وثابرتا مع وجود رؤية واضحة في الاعتبار. لذلك في اجتماع شركتك القادم، اضبط أهداف مبيعاتك، وأعد التركيز على قيمك وعروضك الأساسية، واصقل ما يناسب علامتك التجارية.
"لو قمت بإنشائها، سيأتون." (مقولة من فيلم مشهور اسمه: "ساحة الأحلام"). فقط قم بإنشائها - أي الشركة - بشكل واقعي، مع مساحة للنمو وباتجاه رؤية واضحة".
2) اجعل نفسك منفتحًا للتعلم
عندما تكون مسؤولاً عن شركة، قد تشعر وكأنك على قمة العالم، فالسلطة هي بالفعل مفسدة، وبالتالي من المهم أن تعيد التركيز على نفسك كرجل أعمال، وإن أفضل طريقة للقيام بذلك هي بأن تجعل نفسك منفتحًا للتعلم.
ويأتي الشعور بالقوة من الاعتقاد بأن لديك السيطرة، سواء على نفسك أو على الآخرين، فضلًا عن المعرفة. وما لا ندركه هو أن هذه العقلية يمكن أن تبلد حواسك، فهي تتغذى على الغطرسة والجهل، الأمر الذي يمكن أن يعرقل شركة بشكل أسرع من أي شيء آخر. إن الثقة والإيمان بالنفس من الصفات العظيمة التي يجب أن تمتلكها كقائد، ولكن عندما تفقد القدرة أو الإرادة للتعلم بسبب إحساسك المغرور بالمركز والمكانة، فإنك تتوقف عن النمو كشخص وكرجل أعمال.
"التعلم، وإزالة التعلم، وإعادة التعلم" هو شعار ريادة الأعمال الحديثة، وهو أمر بالغ الأهمية في عالم سريع التغير مثل عالمنا. فالتوقف عن التعلم يعني التوقف عن التغيير، والتوقف عن التغيير يعني "التوقف عن الوجود" كمشروع تجاري.
لذلك فتعلم قدر الإمكان في هذا العام الجديد، سواء من خلال حضور الندوات، أو قراءة الكتب، أو حتى من خلال المشاركة في ورشات العمل مع فريقك. فلا يمكن لرجال الأعمال التوقف عن التعلم، وإلا فقد يغرقوا ويفشلوا.
3) اجعل شركتك تعمل لصالحك، وليس العكس
بصفتك مؤسس لشركة ناشئة أو شركة صغيرة أو متوسطة الحجم، قد تشعر وكأنك تعمل في ثلاث وظائف بدوام كامل، خاصة إذا ما كنت شركة في مرحلة مبكرة من التأسيس.
هناك قول مأثور شائع يصف إدارة شركة بالجري في ماراثون: حيث يعتمد هذان النشاطان على الاتساق والتوازن مما يؤدي إلى تقدم مطرد. وفي حين أنه من الشائع لدى أصحاب الأعمال التباهي بجداولهم المزدحمة وساعات نومهم القصيرة، فإن من يفوز بالسباق هو من يعمل ببطء وثبات. تذكر أنه لا يمكن العدو لمسافة 40 كم كاملة.
لـذا مع فجر العام الجديد، ارتق بمستوى "الشطارة" - لا المجهود - فيما تقوم به من أعمال. استثمر في التكنولوجيا التي توفر لك ولفريقك ساعات العمل وتقلل من العمليات غير الضرورية. ضع أهدافًا دقيقة للعمل عليها. لا تستنكف طلب المساعدة. وكن منظمًا، وحدد الإجراءات التي تبسط العناصر المهمة لشركتك مثل رحلة المستهلك.
4) تعلم كيف "تفصل" عن العمل
في حين أننا قلنا أن عملك يمكن أن يبدو وكأنه امتداد لنفسك، لا يزال من المهم قطع الصلة بينهما من وقت لآخر. فتمامًا كما تقوم بالتأمل لتنفصل عن مخاوفك وأفكارك، فإن الانفصال عن العمل يمكن أن يوفر لك أيضا فترة راحة وتوازنًا تحتاجها بشدة.
والثقة هي أساس أي علاقة ناجحة، حيث يجب أن تكون قادرًا على الوثوق بشركتك، وفريقك، علامتك التجارية، والعمليات التي وضعتها للتنفيذ - وترك جميع هذه العناصر والتروس لتعمل دون تدخل شخصي منك. قم بتفويض المهام إلى أعضائك الموثوق بهم، ووقع على الأوراق اللازمة مسبقًا، وحدد أهدافًا عملية واضحة للشركة، وستكون قادرًا على أن تنعم بالراحة بسهولة نظرا لأنك صممت آلة فعالة قادرة على الوقوف على قدميها دون مراقبة مستمرة من جانبك. فكلما تعلمت القيام بذلك مبكرًا، كلما ساعد ذلك شركتك في الاستقلال.
5) كن شاكرًا
في حين أنه قد يتم المبالغة في ابتذال هذه الجملة الجميلة - سيما في هذا الوقت من السنة - إلا أنها لا تزال من أفضل الدروس التي يمكنك تذكير نفسك بها في نهاية العام. لقد مر العام، ولربما كان عامًا صعبًا، ولربما كان عامًا مزدهرًا، ولكن الأهم من هذا وذاك هو أنه قد انتهى، وقد نجحت أنت وفريقك وشركتك في ذلك. هذا إنجاز بحد ذاته!
كن شاكراً لنجاحك، ولكن كن ممتنًا أيضًا للأشخاص الذين وصلوا بك إلى هذه النقطة، واحمل هذا الشعور معك طوال العام القادم. هنئ موظفيك المستحقين على أدائهم جيد في العمل، وارفع معنويات فريقك، وادعمهم عندما يتواصلون معك، وستحصد أنت وشركتك النتائج قريبًا إذا كنت صادقًا في امتنانك.
"لا يصح أن تظهر فقط خلال العطلات وتصبح فجأة 'الرجل الممتن' . يجب أن يكون سلوك القيادة يوميًا وأسبوعيًا بل وعلى مدار العام هو تذكير الموظفين بأنهم مهمون وأنهم مسموعون وأنهم موضع تقدير. ولا يزال هناك قدر كبير من القوة والمعنى في الكلمات والعبارات البسيطة والصادقة مثل 'من فضلك'، و 'ما رأيك؟' و 'شكرًا لك.'"
-سكوت مور، كبير مسؤولي التسويق في شركة "مود ميديا" في اقتباس موجه إلى Enterprisers Project.