بعد عامين من انتشار وباء كوفيد-19 وعام من العودة الحذرة إلى الحياة الطبيعية في عام 2022، يبدي قطاع السفر والسياحة علامات إيجابية في الانتعاش.
وفيما يتنقل العالم إلى حقبة ما بعد الجائحة، يشارك الخبراء في ويجو رؤيتهم حول الاتجاهات الرئيسية التي تشكل صناعة السفر في عام 2023 وكيف يمكن أن تؤثر على المسافرين لتبني سلوكيات وتفضيلات جديدة.
الجمع بين المهنية والشخصية
أثرت جائحة كوفيد-19 بشكل كبير على اعتماد التكنولوجيا في العديد من المجالات، بما في ذلك صناعة السياحة والضيافة. فمع اعتماد العمل عن بعد على نطاق واسع، سيصبح السفر والعمل بغرض الترفيه من عادات السفر الشائعة بكثرة بين المهنيين الشباب في عام 2023.
وبعد الجمع بين العمل والمتعة يرجح أن يشرع المسافرون في رحلات عمل طويلة، فلن يختاروا الدخول والخروج ببساطة، لكنهم سيرغبون في تمديد إقامتهم لزيارة بعض المعالم السياحية أو تمضية أوقات شخصية. وقد يجعل المسافر عطلته لمدة أسبوع واحد وليس فقط عطلة نهاية الأسبوع، لأن ترتيبات العمل المرنة تجعل الحاجة إلى العودة إلى المكتب أمرا غير ملّح.
و في عام 2022، قارن الخبراء في جميع أنحاء العالم مزايا العمل من المكتب مقابل العمل من المنزل. وسيعرف المسافرون الذين يطبقون أسلوب العمل الجديد عام 2023 أن الإجابة تكمن في ما بينهما، حيث سيكونون أكثر مهارة في المزج بين المهنية والشخصية، وسيقل احتمال رغبتهم في العودة إلى وضع العمل التقليدي. وسيحتار هؤلاء المسافرون في الاختيار حيث قامت المزيد من البلدان بتطبيق "تأشيرة الرحل الرقمية"، مما يوفر لهم فرصًا لإنشاء قاعدة منزلية مؤقتة في أي مكان في العالم.
إعطاء الأولوية لحماية البيئة
أصبح الوعي البيئي والاهتمام بالحفاظ على كوكب الأرض للأجيال القادمة أكثر انتشارًا بين المسافرين، حيث من المرجح أن يتميز عام 2023 بنمو كبير في حماية البيئة وتفضيلات التنمية المستدامة للمسافر وقطاع الصناعة على حد سواء.
وسيصبح المسافرون في عام 2023 أكثر وعيًا بكيفية تأثير خيارات سفرهم على الكوكب وعلى الأشخاص الذين يعيشون في الأماكن التي يزورونها، فمن المحتمل أن يختاروا بدقة وفضول المزيد من خيارات السفر الصديقة للبيئة والمسؤولة اجتماعيًا التي تقدمها مؤسسات الضيافة.
فقد يختار هؤلاء الأفراد الوجهات التي نفذت مبادئ السياحة المستدامة، مثل استخدام مصادر الطاقة المتجددة وحماية الحياة البرية المحلية أو اختيار أماكن الإقامة التي تم اعتمادها على أنها صديقة للبيئة.
وربما يكونون قد تعلموا المزيد عن بصماتهم الكربونية حيث يختارون المشاركة بشكل أكبر في رحلاتهم. قد يتجلى هذا الاهتمام في السعي وراء خيارات سفر أكثر استدامة ، مثل السياحة البيئية أو السياحة التطوعية.
تعويض الوقت الضائع والخبرات
"السفر للانتقام"، أو الحاجة الملحة للسفر لتعويض الوقت الضائع، هو أسلوب السفر الذي أطل برأسه في عام 2022.
في عام 2023، قد نرى المسافرين يمنحون الأولوية لتجارب السفر التجريبية والرفاهية للتعويض عن الوقت والتجارب التي فقدوها خلال الوباء، مثل الإقامة في فنادق راقية، أو الذهاب في رحلة بحرية فاخرة، أو الاستمتاع بمغامرة لمرة واحدة فقط مدى الحياة.
وقد يكون هناك أيضًا اهتمام زائد بالسفر الدولي إلى وجهات متعددة في رحلات طويلة لتعويض الوقت الضائع.
بالإضافة إلى ذلك، سيكون عام 2023 هو العام الذي قد يميل فيه المسافرون أكثر إلى الانغماس في الأنشطة المتعلقة بالسفر مثل حضور المهرجانات الموسيقية والأحداث الرياضية وغيرها من الأحداث الحية. وخير مثال على ذلك هو كأس العالم 2022 الذي أقيم مؤخرًا في قطر، والذي كان متاحاً للجميع.
وحققت المهرجانات الموسيقية أيضًا عودة منتصرة في عام 2022. فبعد عامين متتاليين من الإلغاء، عُقد مهرجان كوتشيلا فالي للموسيقى والفنون رسميًا في أراضي" نادي إمباير بولو" في الولايات المتحدة.
فمن المرجح الاستمرار على هذا النحو في العام 2023 حيث تم جدولة العديد من الأحداث الرياضية والموسيقية التي لا يمكن تفويتها، كبطولة أستراليا المفتوحة وبطولة العالم للفورمولا 1 وطواف فرنسا. ويمكن لعشاق الموسيقى أيضًا التطلع إلى الأحداث الكبرى مثل مهرجان كوتشيلا 2023 وبريمافيرا ساوند برشلونة 2023، إلى جانب الحفلات الموسيقية البارزة الأخرى.
أخيرًا ، ستوفر العزلة والوقت الذي قضي وحيداً خلال سنوات الوباء حافزًا للسفر معًا في مجموعات، فعام 2022 كان حذرًا بالنسبة لمعظم المسافرين، أما عام 2023 هو العام الذي يسافر فيه الناس معًا حول العالم.
الذكاء التكنولوجي
تتزايد أهمية التكنولوجيا في تشكيل تجربة السفر عام 2023 ،حيث سيشعر المسافرون بمزيد من الثقة في استخدامها للتخطيط للرحلات. وفضلاً عن استخدام مواقع حجز السفر عبر الإنترنت أو تطبيقات الهاتف المحمول لمقارنة الأسعار وقراءة المراجعات وإجراء الحجوزات للرحلات الجوية والفنادق، يمكن للعملاء المتمرسين في مجال التكنولوجيا أيضًا الوصول إلى معلومات حول وجهاتهم في الوقت الفعلي، بما في ذلك أحدث قيود السفر.
باختصار، سيعتمد المسافرون بشكل متزايد على التكنولوجيا لتحسين تجربة سفرهم وإضفاء الطابع الشخصي عليها في عام 2023. وستسمح العديد من تطبيقات السفر للمستخدمين بالتخطيط والتنقل وتجربة رحلاتهم بشكل أكثر كفاءة وفعالية مع الاطلاع ومواكبة آخر المستجدات والأخبار والقيود وبروتوكولات السلامة.
التزام الحذر والتفاؤل
قد يعتبر البعض أن الوباء قد انتهى رسميًا ، لكن سيظل المسافرون في عام 2023 حذرين من إمكانية إعادة فرض القواعد والقيود المتعلقة بكوفيد. فمثلاً، زيادة الحالات في الصين أجبرت العديد من البلدان على فرض اختبارات RT-PCR سلبية قبل المغادرة للوافدين الدوليين.
ويبقى الوضع متقلبا. لذا ستستمر قيود ولوائح السفر المتعلقة بكوفيد في التطور والتغيير وسيبقى المسافرون في عام 2023 يقظين ومطلعين على الأحداث والقواعد الحالية في الأماكن التي يخططون لزيارتها، ومع ذلك، سيكونون أقل عرضة للذعر في مواجهة التغيير لأنهم سيكونون على دراية بما سيحدث.