شكل قطاع السياحة العمود الفقري الأساسي لاقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة حيث تعد مركز ساحر للمسافرين بفضل كثرة حجز طيران السفر وأماكن الضيافة الموثوق بهم. وسيكون السياح من جميع الفئات الضريبية قادرين على الاستمتاع بدءاً من الفنادق الفاخرة وصولاً إلى الفنادق الرخيصة في دبي وجميع الإمارات، بالإضافة إلى المطاعم الحائزة على نجمة ميشلان وصولاً إلى أكشاك طعام الشارع الرخيصة.
وبغض النظر عن مدى ازدهار السياحة في الإمارات العربية المتحدة، فهي لا تزال تعاني من نفس القلق الذي يواجه أصحاب المصانع الكبيرة في جميع أنحاء العالم. علماً أن قطاع السياحة يمثل أكثر من 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإنه مسؤول أيضاً عن حوالي 8 في المائة من انبعاثات الكربون في جميع أنحاء العالم. وكغيرها من الصناعات ، فغالبًا ما يكون الطلب المتزايد باستمرار على مزيد من التطوير والتقدم في السياحة على حساب الطبيعة، مما يؤثر بشكل كبير على البيئة. وهنا يأتي دور السياحة المستدامة.
وفي الآونة الأخيرة، كثرت الحاجة لزيادة الاستدامة داخل قطاع السياحة آخذة في الاعتبار آثارها الحالية والمستقبلية مع الموازنة بين احتياجات السياح والبيئة.
وتدرك حكومة الإمارات العربية المتحدة هذه الحاجة للحفاظ على مواردها الطبيعية وحمايتها أثناء استخدامها للأغراض السياحية، فقدموا على مر السنين مبادرات وحوافز جديدة لتعزيز الوعي والحفاظ على الطبيعة. أحد هذه المشاريع هو دبي للسياحة المستدامة (DST)، وهي مبادرة بين القطاعين العام والخاص لدمج الطاقة الخضراء والأوجه الأخرى للاستدامة في جميع جوانب قطاع السياحة.
هذه المبادرة هي جزء من دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي لتعزيز مكانة الدولة كواحدة من الوجهات السياحية المستدامة الرائدة في العالم، حيث تقوم بتعزيز التزام دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه السياحة المستدامة من خلال التعاون مع القطاعين العام والخاص.
ويُعد المعرض الدولي إكسبو 2020 دبي الذي أقامته الإمارات مثالاً آخر على التزام الدولة بإيجاد طريقة واعية بيئيًا لجذب السياح والزائرين، حيث حاز هذا الحدث الضخم على شهادة نظام إدارة استدامة الأحداث لالتزامها بالتحول إلى البيئة الخضراء.
حقق إكسبو 2020 انخفاضا بنسبة 52.4 في المئة في استهلاك المياه داخل المباني والأجنحة مع إنتاج ما يصل إلى 5.5 ميغاواط من الطاقة المتجددة المنتجة داخل المباني. كما ان أكثر من 95٪ من المساحات الطبيعية الخضراء خالية من المبيدات الكيماوية والأسمدة ، في حين أن 50٪ من مجموع الأنواع النباتية كانت ذات موارد محلية.
كما عملت العديد من الأسماء في قطاع السفر في الإمارات العربية المتحدة على دمج المزيد من الاستقرار والتوازن من خلال تقديم طرق سفر أكثر صداقة للبيئة.
التنمية الخضراء جواً وبراً
تعمل شركة طيران الإمارات باستمرار على تبني المزيد من الخيارات الصديقة للبيئة جواً وبراً كجزء من التزامها بالاستدامة وخفض الانبعاثات من خلال الاستهلاك الواعي.
يتم تصنيع العديد من وسائل الراحة التي توفرها طيران الإمارات على الدرجة السياحية كالبطانيات وأشياء الأطفال، والزجاجات البلاستيكية حيث يعاد تدويرها. ويتم استبدال البلاستيك ببدائل صديقة للبيئة يتم الحصول عليها من الخشب والورق، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الخيارات النباتية التي يقدمونها. وتستثمر طيران الإمارات على الأرض أيضًا بشكل كبير في مصادر الطاقة التي تعمل بالطاقة الشمسية في دبي.
فنادق فاخرة صديقة للطبيعة
لا يقتصر الأمر على شركات الطيران فحسب، بل تعمل الفنادق في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة أيضًا على تكثيف مساعيها نحو الاستدامة.
على سبيل المثال، أدخل فندق ريتز كارلتون، دبي، مزرعة عمودية لزيادة الوعي بممارسات الزراعة المتجددة. كما تعمل منتجعات المها الفاخرة على دمج أنواع النباتات والحيوانات المحلية في مبانيها لتعزيز التنوع البيولوجي.
سفاري صحراوي، ولكن بلمسة خضراء
مثال آخر على الاستدامة السياحية هي شركة بلاتينيوم هيرتاج، الرائدة في مجال تنظيم التجارب الصحراوية في دبي. تتخذ الخدمات التي تقدمها الشركة نهجًا مختلفًا للسياحة الصحراوية من خلال التخلص من تقريع الكثبان الرملية المعتاد، والذي ثبت أنه ضار بالأرض من خلال تسريع التصحر. وبدلاً من ذلك، فإنهم يهتمون بالحياة البرية والطبيعة، ويسلطون الضوء على الثقافة والأعمال المحلية.
بالطبع، هناك الكثير مما يمكن للسلطات العامة والخاصة القيام به في هذا المجال. ويبدو أن البلاد مستعدة لمواصلة المسيرة نحو إقامة علاقة أكثر كفاءة وطويلة الأمد بين السياحة والبيئة، مع الحفاظ على توازن صحي بين الاثنين. ويمكننا جميعًا تنفس الصعداء عند معرفة هذا الوضع.