وتحمل الأدوار الإدارية دائمًا معها تحديات وعقبات لا تنتهي مما يتطلب مرونة وحسمًا في الحال. وقد تصبح قواعد الأمس قديمة ومنتهية الصلاحية بين عشية وضحاها، خاصة في عالم يمر بتحول رقمي على نطاق واسع.
وعلى سبيل المثال، إليك الطريقة التي نعمل بها. فلعقود من الزمن، كان العمل، وخاصة ما يتصل بموظفي الشركات والمؤسسات، مقيدًا بالمكتب. وبالتأكيد، شهد نموذج العمل هذا تآكلًا على مر السنين، ولكن لم يترسخ بعد أي تحول جذري في المشهد الإقليمي أو الدولي.
ومع دخول جائحة كوفيد 19، وبين عشية وضحاها تقريبا، فقد فرض العمل عن بعـد نفسه بسرعة كعرف جديد.
وبالنسبة للعديد من المديرين، كانت هذه الخطوة بمثابة الخوض في المجهول. إذ كيف سيكونون قادرين على مراقبة الموظفين؟ وكيف سيكونون قادرين على تتبع مخرجات عملهم؟ وكيف سيكونون قادرين على المشاركة في عمل جماعي فعال إذا كان كل فرد في الفريق يعمل خلف شاشة؟ كان الوضع يبدو مخيفًا بالفعل.
وفيما يلي بعض ما يتوجب فعله وما يجب أن يكون المدير على دراية به، عندما يتعلق الأمر بإدارة قواهم العاملة عن بعد.
لا تقم: بالإدارة التفصيلية لفريق عملك
إن فقدان امكانية مشاهدة موظفيك والاضطرار إلى قيادتهم وتوجيههم من على بعد أميال وعبر مكبرات الصوت والشاشات، يمكن أن يبدو وكأنه مهمة شبه مستحيلة، خاصة بالنسبة لكبار المديرين الذين كانوا يقومون بالأشياء بشكل تقليدي منذ عقود.
ومع ذلك، فأنت بحاجة إلى تجنب الإدارة التفصيلية لفريق عملك، حيث لا يمكن لأي شيء أن يزعج أعصاب الموظف ويقلل من انتاجيته أكثر من مدير متحكم ولا يتوقف طوال الوقت.
قم: بتعزيز ثقافة النتائج وبدء يوم العمل في أوقات معقولة
إن ما عليك القيام به هو تعزيز ثقافة الثقة، وذلك من خلال قيامك بتحديد المواعيد النهائية وتوقع النتائج، بغض النظر عن مكان وزمان إتمام هذه المهام. والعمل عن بعـد يعني أنه يمكن للموظفين تحمل المسؤوليات الشخصية والواجبات المنزلية مثل مواعيد الطبيب وتربية الأطفال وغير ذلك. فلا تشعر بأنك تحتاج أن تتحقق من موظفيك في كل وقت وحين، ولكن بدلًا من ذلك، قم بتحميلهم المسؤولية عندما يتعلق الأمر بالمهام والمنجزات المطلوبة. وزيادة على ذلك، فيمكنك إعداد اجتماعات أو مكالمات للتحقق من "تسجيل دخول/وصول" أو أي ترتيب ءاخر يناسب احتياجاتك لإبقاء فريق العمل بأكمله على اطلاع دائم مع بعضهم البعض، ولتعزيز التعاون.
لا تقم: بالطلب من موظفيك أن يقوموا بأداء مهام خارج إطار ساعات العمل
إن منح الموظفين الإذن بالعمل عن بعد لا يعني بأنك تملك الحق باستغلال كامل وقتهم. فقد يكونون يعملون من المنزل أو في مقهى أو في مكان عمل ما، ومع ذلك فلا يزالون مرتبطين معك بعقود عمل تلزمهم فقط بعدد معين من ساعات العمل التي قمت بتحديدها لهم وفقًا لهذه العقود، وبالتالي فهم غير ملزمين قانونًا بالعمل بعد تلك الساعات.
قم: باحترام ساعات العمل وحدوده
إذا كنت بحاجة إلى إنجاز مهام خارج أوقات العمل الرسمية، فتأكد من تعويض الموظفين بأجر عن هذا العمل الإضافي، أو منحهم مكافآت في حال ما إذا كان من الصعب قياس كمية الشغل المقدم. وبخلاف ذلك، فيجب على صاحب العمل و/أو المدير احترام حدود موظفيهم، حيث أن لدى هؤلاء الموظفين تحدياتهم ومسؤولياتهم الشخصية التي يواجهونها والتي قد لا تكون متعلقة بتاتًا بمساعدتك أنت أو شركتك على جني المزيد من المال.
لا تقم: بنشر إعلانات مزيفة عن امتيازات العمل عن بعـد في شركتك
من السمات الشائعة لإعلانات الوظائف في الآونة الأخيرة هي التسويق للعمل عن بعـد كميزة للعمل في الكثير من الشركات. وغالبًا ما يتم الإعلان بشكل زائف عن هذه الميزة أو وصفها بشكل مبسط خادع وذلك لمجرد لاجتذاب موظفين جدد فقط، حيث يعني ذلك في كثير من الحالات أن الشركات تريد فقط عذرًا لدفع أجر أقل لمرشح محتمل يعيش في الخارج (وهو خطأ شائع من قبل الشركات التي تفضل الاستعانة بمصادر خارجية رخيصة للعمل)، أو يريدون منهم العمل خارج ساعات العمل القانونية.
قم: بوضع إطار واضح لكيفية تعامل شركتك مع العمل عن بعـد
إذا ما كنت ترغب في دعم العمل عن بُعد داخل شركتك، وتريد الإفصاح عن هذه الحقيقة عند فرز المرشحين للتعيينات الجديدة، فتأكد من تحديد إطار عمل واضح للتعريف الدقيق للعمل عن بُعد بالنسبة لشركتك، والمهام والمسؤوليات المتوقعة من الموظفين في هذا الترتيب (أي العمل عن بعد)، والساعات المتوقعة للعمل، وكيف ستقوم الشركة بتتبع انجاز الأعمال ومراقبة موظفيها، وما الى ذلك. وكما هو الحال مع أي علاقة عمل، فإنك تحتاج إلى تحديد التوقعات من البداية بشفافية كاملة.
لا تقم: بالاعتماد على أدوات الاتصال غير العملية أو التي تنطوي على مشاكل
بصفتك مديرًا في عالم يتطور باستمرار رقميًا، فأنت بحاجة إلى تعلم استخدام الأدوات المتاحة بأفضل شكل ممكن. قاوم الرغبة في الاتصال المباشر بموظفك أو إرسال رسالة نصية إليه في كل مرة تحتاج فيها إلى شيء ما أو إذا حدث هناك خطأ ما. فهذا ليس أمرًا طبيعيًا في أي علاقة - سواء كانت مهنية أو غير مهنية.
قم: باستخدام أدوات وحلول فعالة لدعم الإنتاجية
بدلًا من التواصل المباشر مع موظفيك، فإنك سترغب في استخدام عدد لا يحصى من أدوات إدارة الفريق والإنتاجية السهلة والميسورة التكلفة المتاحة لك. إن البرامج مثل Slack و Trello و Monday و Zoho والعديد من البرامج الأخرى، تجعل مهام التتبع والتسليمات (أي تسليم مخرجات الأعمال) والموظفين سهلة وسلسة وغير متداخلة. وفي معظم الحالات، يكون لدى الجميع رؤية حول ما يعمل عليه الآخرون، مما يعزز المساواة والإنصاف عموديًا وأفقيًا عبر التسلسل الهرمي للشركة. وهو ما يؤدي في الغالب إلى القضاء على ثقافة الاستبعاد لبعض الموظفين أو جعلهم يشعرون بأنهم مستهدفون للمراقبة أو الأحكام غير المناسبة أو الضرورية.
لا تقم: بالتوظيف العشوائي، أو التوظيف بأسعار زهيدة
مع دخول مفهوم العمل عن بعد على الساحة وانتشاره، فقد أصبح من الخطير جدًا القيام بالتوظيف بلا مبالاة أو بثمن بخس (كما قد يحدث عندما يتم اختيار الموظفين الشباب عديمي الخبرة ممن يقبلون بأن تدفع لهم أجورًا بخسة بهدف خفض التكاليف، وذلك بدلًا من دفع أجور أعلى للحصول على مهنيين خبراء متمرسين في مجالاتهم). ضع في اعتبارك أن هناك قدر محدود للغاية من الأمور التي يمكنك كرب عمل استنتاجها من السير الذاتية المنفوخة والإجابات المعدة مسبقًا للمقابلات الشخصية، حيث أن إصدار تقييم خاطئ على شخص ما قد يؤدي إلى حدوث مشكلات كبيرة لشركتك.
قم: بفحص واختبار المرشحين بشكل صحيح وقياس استقلاليتهم ومدى شعورهم بالمسؤولية
قم بفحص الموظفين المحتملين وإجراء مقابلات معهم بعناية وجدية قبل التوقيع على تعيينهم، خاصة وأنهم سيعملون عن بعد سواء - بشكل جزئي أو بدوام كامل. وفي حين أنه يمكنك بسهولة تكوين انطباع عن شخص ما عند الاحتكاك معه شخصيًا في المكتب والتعامل معه، فإن القيام بذلك يصبح أكثر صعوبة عندما يقتصر تعاملك مع هذا الشخص على رؤية وجهه على شاشة الكمبيوتر وسماع صوته من مكبر الصوت. فلا يزال العمل شأنًا إنسانيًا للغاية، حيث يمكن لشركتك أن تتعرقل بسبب توظيفك غير السليم لموظف ما يتبين لاحقًا أنه غير مستقل أو لا يستشعر المسؤولية أو غير منضبط أو حتى غير مهني بالمرة.