إذا ما توقف المرء للنظر إلى الجوانب المضيئة لوباء كوفيد 19، فسيجد أن واحدًا من أبرز هذه الجوانب هو الاهتمام المتزايد بأهمية الصحة العقلية. لكن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديدًا، لا يزال مفهوم الصحة والسلامة النفسية مشوبًا بالكثير من الشكوك، وذلك لأن هذا الشكل من أشكال الرعاية الصحية لم يثبت وجوده بعد في هذا الإقليم وفي العصر الحديث، وبالتالي فهناك حاجة كبيرة للمزيد من حلول الصحة العقلية.
ولحسن الحظ، فإن هناك عددًا من العوامل - مثل التطورات التكنولوجية، والقدرة على تحمل التكاليف، وإمكانيات الوصول للأسواق - التي قد ساعدت الشركات الناشئة على بناء حلول قابلة للتطوير وفعالة من حيث التكلفة لمعالجة هذا القطاع من قطاعات الرعاية الصحية.
ومن بين هذه الشركات تبرز MindTales، وهي شركة ناشئة مقرها أبوظبي وتعمل انطلاقا من منصة Hub71 (التي تمثل النظام البيئي التكنولوجي للإمارة). حيث تقوم MindTales بتقديم كل من حلول المساعدة الذاتية واستشارات الخبراء، المخصصة لتناسب رحلة المستخدم الشخصية والتحديات التي تواجهه.
ومن بين الخدمات التي تقدمها MindTales: التمارين النفسية المبنية على دراسات علمية، ونصائح الاستشفاء المصممة لتلبية الحاجات الشخصية للأفراد، وكتابة اليوميات، وما الى ذلك الكثير، بدعم من حزمة تكنولوجية شاملة.
وقد أغلقت MindTales جولة تمويل أولية بقيمة 1.23 مليون دولار في الربع الأول من عام 2022، تم تأمينها من مستثمرين من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، وتقوم حاليًا بجمع الأموال مرة أخرى.
وقد تحدثت منصة أبوظبي للأعمال مع فيكتوريا أكسيونوفا، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة MindTales، لمعرفة المزيد عن نموذج أعمال شركتها، ورحلتها الريادية، وما الى ذلك.
فيكتوريا أكسيونوفا، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة MindTale
هل يمكنك إخبارنا قليلًا عن نفسك وما الذي دفعك إلى إنشاء شركة MindTales؟
في بداية مسيرتي المهنية، كنت قد انتقلت إلى الإمارات للانضمام إلى أحد صناديق الثروة السيادية، حيث راكمت أكثر من 10 سنوات من الخبرة في مجال صناعة إدارة الأصول. وقد كنت حريصة على استخدام خبرتي لإحداث تغيير في التكنولوجيا الصحية، ولذلك دخلت في مجال ريادة الأعمال. وبصفتي مؤسس لشركات ناشئة مرتين، فأنا حاليًا أقود MindTales، والتي تهدف إلى تغيير نظام الرعاية الصحية النفسية في الإمارات العربية المتحدة، وذلك من خلال إنشاء أول منصة في المنطقة لاستشفاء العاملين في الشركات.
وقد ولدت MindTales من نقطة ألم شخصية ومن الخبرة. فقبل بضع سنوات شعرت بالإرهاق الشديد بسبب أعباء العمل الكبيرة والتوتر وكنت أبحث عن الدعم. وعلى الرغم من وجود الكثير من المعلومات المتاحة، كان من الصعب بالنسبة لي تحديد أفضل حل لمشكلتي وإيجاده، ولم أتمكن من العثور على خدمة يسهل الوصول إليها وبأسعار معقولة. كانت هذه هي اللحظة التي ولدت فيها فكرة البدء بمشروع MindTales وإنشاء حل متكامل للسلامة العاطفية والعقلية. ومنذ ذلك الحين، كان هدفنا جعل الصحة النفسية أكثر سهولة وشمولية.
كيف تصف نموذج عمل شركة MindTales، وما هي الخدمات الأساسية التي تقدمها اليوم؟
يركز نموذج عمل شركة MindTales على البيع من شركة لشركة (B2B)، حيث نقوم بمساعدة أصحاب العمل والشركات على الرفع من مستوى رفاهية موظفيهم، وكذلك نقدم الخدمة على أساس البيع من شركة لزبون (B2C)، إلى العملاء الفرديين الذين يستخدمون تطبيقنا بغرض الحصول على أدوات المساعدة الذاتية والاستشارات. حيث يقدم التطبيق خطط اشتراك مختلفة، سواء مجانية لمدة محدودة (فريميوم) أو مدفوعة، ومصممة خصيصًا لاحتياجات العملاء الفرديين.
ويقوم التطبيق، أثناء عملية الإعداد، بتصميم رحلة مفصلة خصيصًا ومخصصة لاحتياجات المستخدم الفردي، والتي تتكون من تمارين اليقظة والتنفس والتأمل المختلفة. حيث يمكن القيام بهذه التمارين في أي وقت وكلما دعت الحاجة. وإذا ما أراد المستخدم مناقشة أو استيضاح أية مسائل أو هواجس بتعمق أكبر، فيمكنه اختيار جلسة مع أحد المستشارين ومدربي الحياة المختارين والمرخصين لدينا.
ويخضع المدربون والمستشارون لدينا لعملية اختيار دقيقة تتكون من مراحل مختلفة. فبعد الإعلان الأولي للوظيفة، نقوم بالتحقق من مؤهلات وخبرات المستشارين الذين اجتازوا هذه المرحلة ثم نقوم بإجراء المقابلات الأولية. وبعد ذلك، يتم إجراء مقابلات مع المرشحين المختارين من قبل فريق العمل للحصول على مزيد من التعليقات والتحقق من توافقهم من حيث نهج الاستشارة والمهارات والثقافة واللغة.
من واقع تجربتك، كيف تصف قبول عامة الناس للسعي للحصول على الصحة العقلية اليوم مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الوباء؟
أن جائحة كوفيد 19 والقيود الاجتماعية لها وتأثيراتها على الصحة النفسية للجميع قد أدت إلى زيادة الوعي بالصحة العقلية بشكل كبير وتسهيل التحدث عن ذلك علنًا. وبطريقة ما، فقد أوجدت الجائحة زخمًا للتحدث بصراحة أكبر عن الصحة العقلية. وإنه لمن المهم الاستفادة من هذا الزخم، ليس فقط من خلال التحدث أكثر عن الصحة العقلية، ولكن أيضًا من خلال تطبيع العلاج وأدوات المساعدة الذاتية وتطوير خيارات الاستشارة بشكل أكبر.
كيف بدت لك سنتك الأولى كرائدة أعمال، وماذا كان تركيز الشركة في الإثني عشر شهرا الأولى؟
في الأيام الأولى لتأسيس MindTales، كان من المهم جدًا تلقي التعليقات والتغذية الراجعة حول فكرة المشروع وجدوى الحصول على المساعدة في تقييم وضع السوق. ولقد أمضينا أربعة أشهر في البحث والتحدث إلى أصحاب المصلحة الرئيسيين وفهم النظام البيئي وعملائنا. وفي النهاية، فأنت تحاول حل مشكلة، وبالتالي فمن المهم جدًا فهم ما يحتاجه العملاء. وبعد ذلك، فقد قمنا بإنشاء نموذج أولي كما قمنا ببناء أول MVP (منتج أولي مفيد)، حيث كان لدينا الكثير من حالات الصعود والهبوط والتعلم طوال الوقت. وفي غضون 12 شهرًا، فقد تمكنا من إنهاء منتجنا الأول وأطلقناه في متجر التطبيقات، وحصلنا على 10 آلاف تنزيل من قبل المستخدمين، وعقدنا جولة لجمع الأموال من مستثمرين ملاك، وقمنا بتوظيف 7 أشخاص.
كيف وفر قيامك بالتأسيس من خلال منصة Hub71 الدعم لشركتك؟
إن Hub71 هي نظام بيئي رائع وبيئة رائعة لازدهار الشركة الناشئة. حيث يسمح الدعم الذي تقدمه المنصة بالنمو من خلال تزويد المؤسسين بإمكانية الوصول إلى سوق الإمارات العربية المتحدة، وأصحاب المصلحة الرئيسيين، والمستشارين، والمهنيين من الصناعة، والأوساط الأكاديمية، وكذلك رواد الأعمال في وادي السيليكون. كما تتيح المنصة لنا مشاركة المساحة مع الشركات الناشئة الأخرى ومشاركة الأفكار والعمل بشكل تعاوني وإبداعي. كما أن الشعور المشترك بالمجتمع يولد الإنتاجية ويساعدنا جميعًا على النمو معًا.
لقد أتاح لنا الانضمام إلى برنامج حوافز Hub71 تحويل المفهوم إلى منتج فعلي خلال فترة زمنية قصيرة: ولدينا الآن أكثر من 120,000 عملية تنزيل. كما تنمو تنزيلاتنا حاليًا بمعدل مذهل يبلغ 20٪ أسبوعيًا. وقد أنشأنا فريقًا رائعًا من 9 أشخاص، بما في ذلك الخبراء المحليين والمهنيين من خارج المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، أغلقنا جولة التأسيس البالغة 1.2 مليون دولار في وقت سابق من هذا العام. وقد ساعدنا وجود مثل هذه القاعدة القوية هنا في أبو ظبي أيضًا على دخول أسواق أخرى، وقد قمنا مؤخرًا بتطوير تطبيقنا باللغتين الأوكرانية والروسية.
هناك منافسة متزايدة داخل قطاع التكنولوجيا الصحية الإقليمي، حيث نشهد المزيد من الشركات التي تلبي احتياجات الصحة العقلية للسكان. كيف يختلف نهجكم أو مقاربتكم في شركة: MindTales؟
إن منصة MindTales مختلفة (عن باقي ما بالسوق)، حيث إنها تطبيق قائم على أساس حزمة تكنولوجية كاملة، يوفر للمستخدمين العديد من الخيارات لمعالجة المشكلات والهواجس المختلفة التي يواجهونها. فأولًا، يقوم المستخدم بإجراء تقييم ذاتي، مما يساعد على تصميم المسار/الرحلة المخصصة ذات أكبر فائدة ممكنة بالنسبة له، والتي تقترح تمارين اليقظة المختلفة وتوفر أيضًا معلومات تعليمية. وعندما يواجه المستخدم طريقًا مسدودًا ويرغب في استكشاف أو استيضاح مسائل معينة مع مدرب أو مستشار، سيساعده التطبيق في العثور على أفضل تطابق من بين مجموعة مختارة من المستشارين المعتمدين وذوي الخبرة.
ما هي خطوتكم التالية في شركة MindTales؟
نظرًا لأن رسالتنا وهدفنا يتمثلان في جعل الصحة النفسية شاملة قدر الإمكان ومتاحة لأكبر عدد ممكن من الأشخاص، فإننا نحاول باستمرار تحسين الحلول التي نقدمها. ونحن نبحث دائمًا عن مواد تعليمية وأدوات ومستشارين جدد يمكن إضافتهم إلى التطبيق. ولقد قمنا أيضًا بتطوير الحلول بلغات مختلفة، وحاليًا، تتوفر MindTales باللغات الإنجليزية والعربية والأوكرانية والروسية. كما أننا نهدف إلى إضافة أكبر عدد ممكن من اللغات والمستشارين بمؤهلات وتخصصات مختلفة لنكون شاملين قدر الإمكان!
.jpg)
.png)
.png)
.jpg)
.png)
.jpg)
